المرأة القوس
بين هذه المرأة و بين اللف و الدوران عداء مستحكم . كيف لا و هي التي تؤمن أشد الإيمان بأن الخط المستقيم أقصر الطرق إلى الهدف . و بما أن الاستقامة من طبعها , تبدر منها ملاحظات و أسئلة و ردود يرتبك منها الجميع بوجه الجميع بوجه عام و الرجل بوجه خاص لأنها تأتي بصورة مفاجئة و على نحو لم يتوقعه . و مع ذلك يؤكد من يعرفها جيدا أن في استطاعتها – لو أرادت – أسر جميع القلوب دون استثناء .
المرأة مولودة برج القوس متفائلة جدا , لكن تفاؤلها يقترن دائما بالمنطق السليم لا بالكذب الذي تأباه مهما كانت الظروف و الدوافع . و بما أنها صادقة تماما , لا تتورع عن الاعتراف أمام أهلها و ذويها بأنها تفضل قرابة الروح على قرابة الدم التي لا تؤمن بها كثيرا . و لما كانت صادقة أيضا فإنها تنسلخ باكرا عن بيت العائلة و تستقل بمفردها و تعيش حياة مملوءة بالحركة و النشاط . فهي تتنزه , و تمارس الرياضة , و تسافر , و تلتقي بالأصدقاء , و تلاحق الأهداف , و تؤدي الخدمات شرط أن لا يفرض عليها شيء . إنها تكره الضغوط و القيود ولا تتردد في مواجهتها بلسان حاد سليط لا يميز شخصا من آخر . حتى والدتها التي حملتها و رعتها تفشل في إجبارها على أمر ليست مقتنعة به كل الاقتناع .
تكره هذه المرأة الرجل الضعيف السليب الإرادة , و مع ذلك ترفض الذوبان في شخصية الرجل القوي مهما كان قويا و متسلطا . إنها كثيرا ما تخلط بين الحب و الصداقة . إذا شعرت بالعاطفة نحو إنسان ما تفتح له قلبها دون تردد . في صدقها خشونة تزعج البعض فيتهمونها إما باللؤم و الخبث أو بالبله التام . غير أنها في الواقع ذكية طيبة و منطقية جدا . و إذا تصرفت على هذا النحو الذي لا يرضى عنه جميع الناس فلأنها مقـتنعة تماما ببراءتها و حسن سلوكها , و غير آبهة – بالتالي – للشائعات و التهم التي تلاحقها أحيانا .
تتردد هذه المرأة أمام فكرة الزواج و لا تتقبلها إلا بعد أن تشعر بحب جارف و انجذاب شديد نحو رجل تتمنى مشاركته بل و تقليده في كل شيء . فهي تستعمل ثيابه أحيانا , و ترافقه في الصيد و النزهات و السفر , و تضحكها نوادره , و مع ذلك تبقى محتفظة بكل مظاهر الأنوثة و الرقة . إن من يعرفها حق المعرفة يعلم أنها سريعة العطب , تتصرف ببراءة الأطفال و ترتبك إلى حد التعثر في مشيتها أحيانا , ولا تستطيع منع نفسها من البكاء في المواقف العاطفية على اختلاف أنواعها .
شهية هذه المرأة عظيمة . فهي تحب الطعام و الشراب الطيبين , و تتمنى التردد على المطاعم الفخمة كلما سنحت لها الفرصة . تحب أيضا اللباس الفاخر و السفر – في الدرجة الأولى بالطبع – و الأضواء و الشهرة و التبذير لاعتقادها أن المال وسيلة لا غاية . و مع أنها تكره الأعمال المنزلية و تفضل عليها العمل في الخارج إلا أنها تقوم بدور المضيفة و ربة البيت خير قيام . من أفضل حسناتها في هذا المضمار المرح و الكرم و عدم التفريق بين المدعوين مهما اختلفت أوضاعهم الاجتماعية و المادية . و من سيئاتها القليلة حدة اللسان إذا مست كرامتها . لكنها لحسن حظها و حظ الآخرين مفطورة على النسيان و المغفرة , و لذلك لا يوجد في قلبها مكان للغضب أو الحقد الطويل الأمد .
أطفالها يحبونها إلى درجة العبادة , و يمرحون معها كما لو أنهم في " سيرك " حقيقي . و إنهم يعاملونها معاملة الشقيق للشقيق و يأخذون عنها الصدق و الاستقامة و المرح و لكنهم يشعرون في بعض الأحيان بالضيق و الارتباك بسبب صراحتها اللامحدودة . أما زوجها فله منها الحب و الثقة و الوفاء الكامل دون قيد أو شرط ما عدا منحها القليل من الحرية و الفردية .
امرأة برج القوس باختصار إنسانة مثيرة إلى أبعد حد . فهي بالإضافة إلى خصائصها الحميدة تتمتع بروح خفيفة تضفي الابتسامة و المرح على جميع الوجوه , و تمحو من القلوب السأم و الملل . و هذا وحده يعتبر فضيلة عند الأزواج .
المدير القوس
يبدو رجل برج القوس أول وهلة إنسانا غريب الأطوار لا يشبه غيره من رجال الأعمال المعروفين . و كثيرا ما يتساءل المحيطون به إن كان في تصرفاته ما يستحق الضحك أو الغضب . و فيما يعتقده البعض ساذجا قليل الفطنة يؤكد البعض الآخر أنه من النوابغ . لكنه في الواقع خلاف الاثنين لكونه ذكيا من ناحية و " دون كيشوتيا " من ناحية أخرى . على كل حال إذا لم يتركه موظفوه بعد مضي أسبوع على عملهم معه هناك احتمال قوي بأن يلازموه وقتا طويلا .
يرفع هذا الإنسان لواء الصراحة عاليا في جميع أعماله و مواقفه . فهو يطري العاملين معه بالسهولة نفسها التي ينتقد بها أخطاءهم . إن هذا الاندفاع من قبله يجعل أصحاب الكفاءة يستبشرون خيرا . لكن قد تمضي الأيام و الشهور دون أن يحقق لهم شيئا على الرغم من الوعود التي يقطعها على نفسه . و الواقع أن ذاكرته ليست ضعيفة بالنسبة إلى الوعود و حسب بل أيضا بالنسبة إلى المواعيد و ذلك بسبب انشغاله بالسفر و التنقل و الرياضة و مختلف الهوايات مما لا يترك له مجال الاهتمام بحذافير العمل و مشاكل العاملين معه .
إن أقرب اللغات إلى عقله لغة المنطق . فإذا تسنى لموظفيه التفاهم معه بواسطتها أصبح مرحا سعيدا و سخيا في إعطاء الإجازات و المنح و سواها . بالمقابل يسيئه جدا أن ينكر الناس حسناته و أن يتمسكوا بسيئاته حتى لو كانت بمنتهى الوضوح . و لا يعني ذلك أنه يدعو إلى الرياء و الكذب , فهو أبعد الناس عن هاتين الصفتين و أكثرهم تمسكا بالحقيقة مهما كانت مؤلمة . و هو على الرغم من خشونته يتحلى بروح ديموقراطية دمثة تكسب له الأصدقاء من جميع الفئات و الطبقات .
بالإضافة إلى جموع الأصحاب يحيط رجل برج القوس نفسه بأشياء كثيرة ممتعة منها الطعام الجيد و الشراب الفاخر و الحيوانات الأليفة و حقائب السفر الجاهزة و الأضواء الساطعة و الأفكار الخلاقة و الأهداف السامية . أما الأشياء التي يضع بينه و بينها المسافات الشاسعة فهي الظلم و القسوة و الرياء و الحقد و الأنانية . وهو يبدو في الظاهر قليل التفكير و الإدراك لكن من يعرفه حق المعرفة يعلم أن عنده حدسا قويا – ما عدا في الحب – يخرج بفضله من الأزمات سالما . و مع أنه يهمل بعض الأمور الهامشية إلا أنه لا ينسى أبدا أهم الوقائع و الأرقام المتعلقة بصميم عمله . و على الرغم من طيبته التي لا تنكر يظل صاحب طموح و استقلال و فردية تقرب من حب الذات .
كثيرا ما يتساءل العاملون معه عن حقيقة أمره دون أن يصلوا إلى جواب . و كل ما يعملونه بالتأكيد هو أن العمل معه أمر في غاية الإثارة و التشويق.
الموظف القوس
يعتبر وجوده في المؤسسات و الشركات متعة و سلوى لسائر الموظفين و المستخدمين على الرغم من حدة لسانه و ارتباك حركاته و فضوله الذي لا يكف عن طرح الأسئلة . إذا طلب من معارفه أن يلخصوا صفاته بكلمات قليلة أجابوا أنه مثال الرجل المرح المتفائل الذي يعيش ليومه و يؤمن بحظه لكل يوم .
يبدو الموظف المولود في برج القوس إنسانا خجولا سطحيا طائشا و معرضا للعثرات الجسدية و الفكرية . ذلك هو ظاهره , أما باطنه الذي يرعاه كوكب " المشتري " فهو على نقيض تام . إذ كيف يكون سطحيا و هو على هذا المقدار من الحدس و المنطق السليم ؟ و كيف يتهم بالخجل و هو الذي لا يتورع عن انتقاد زملائه و رؤسائه إذا بدرت منهم الأخطاء ؟ و هل من داع إلى التحدث عن عثراته في الوقت الذي يسانده فيه الحظ إلى هذا الحد ؟ من هو إذا بالضبط ؟
الموظف الذي ينتمي إلى برج القوس إنسان مندفع يسرع في العمل و يتقنه أكثر من سواه . و هو يفخر بمزاياه دون أدنى ارتباك , و يثق بنفسه كل الثقة , و لا يكذب و لا يخادع و لا يحقد , و لكنه يجرح بعدم لباقته و يثير الحنق بطرحه العديد من الأسئلة و بمحاولته لفت الانتباه . إنه يكره الجمود , و يهوى السفر و التنقل , و يرجو من رؤسائه أن يرسلوه من مدينة إلى أخرى و من بلد إلى بلد . إن حبه للأسفار يجعله ينجح في دور البائع المتجول و إن كان معرضا لبعض الأخطاء بسبب تسرعه و اندفاعه .
يهتم الموظف المنتمي إلى برج القوس بدخله الخاص أكثر من اهتمامه بمستقبل الشركة التي يعمل لها . لهذا السبب يرفض الوعود مهما كانت مغرية , و يتمسك بالتقدير الآني مهما كان تافها . حبه للمال لا يعني أنه ينظر إليه كمجرد غاية لا أكثر . إنه في نظره الوسيلة إلى العيش الكريم و المستوى اللائق . و بما أنه كريم بطبعه يكره البخل في الناس بوجه عام و في رب عمله بوجه خاص . إذا عامله هذا الأخير معاملة الشحيح تركه غير نادم . الأمر الثاني الذي يدفع به إلى ترك العمل دون تردد هو التعرض إلى أخلاقه و اتهامه بالكذب أو قلة الشرف , مع العلم بأنه طيب القلب ينسى الإساءة بسرعة و خصوصا متى استطاع أن يرد عليها بعنفه وحدة لسانه المعروفين .
إذا شعر رب العمل بحاجة ماسة إلى طرد هذا الموظف في بعض الأحيان من الأفضل أن يكبح جماح غضبه و أن يعيد النظر فيه بكل صدق و موضوعية . و سوف يكتشف عندئذ أن له من المزايا أضعاف ما له من السيئات . تبقى صراحته التي تحتمل . و هذه الصفة بالذات تتطلب من رئيسه روحا رياضية ممتازة